عباس بن فرناس
عباس بن فرناس

لعل قصة هذا العالم الإسلامي العظيم - عباس بن فرناس بالذات تلخص حكاية الحضارة الإسلامية بمجملها، فهذا العالم البربري ظهر في الأندلس منبع الحضارة الإنسانية وكغيره من باقي علماء الإسلام أبدع في كل شيء فالذي لا يعرفه الكثير منا أن ابن فرناس لم يكن أول رائد فضاء في التاريخ فحسب بل كان هذا العالم الإسلامي العبقري شاعرًا مفوَّهًا وفقيهًا ورِعًا وفلكيًا وطبيبًا وصيدليًا ورياضيًا وكيميائيًا وفيزيائيًا وفيلسوفًا ونحويًا ومخترعًا ! فكان أول إنسان في التاريخ يخترع صناعة الزجاج من الحجارة والرمل واخترع أيضًا "المنقالة " (آلة لحساب الزمن ) واخترع "ذات الحلق " (آلة للرصد الفلكي ) كان سقف بيته عبارة عن قبة عجيبة صممها على هيئة السماء بنجومها وغيومها وبروقها والشمس والقمر والكواكب كما ذكر (الزركلي ) وغيره من المؤرخين والمترجمين لحياة عباس بن فرناس ولكن الأهم في قصته أنها تتلخص فيها نظرية "الغزو التاريخي "، فتاريخ هذا العالم الإسلامي العبقري تعرض للتشويه والتزوير بشكل مخيف لدرجة تحول فيها هذا العالم الإسلامي العظيم إلى مجرد رجل مجنون ! وبغض النظر عن تلك التجربة الرائدة في عالم الطيران نجح بالطيران وحلق في سماء قرطبة قبل أن يهبط على الأرض من دون أن يموت (على عكس ما تعلمناه في مدارسنا)، لكن اللوم يقع أيضا على عاتق علمائنا الذين أهملوا الجانب التاريخي للحضارة الإسلامية صنع ابن فرناس لنفسه جناحين مقلدًا الطيور وطار بالفعل لمدة من الزمن بالقرب من قصر الرصافة في قرطبة، إلا أنه سقط وأصيب ببعض الجروح تعافى منها بعد فترة إذ أخفق في عملية الهبوط بسلام رغم نجاح تجربة الطيران لمسافة جيدة تجربته هذه بقيت علامة مهمة وألهمت الكثيرين ليواصلوا هذا المشروع الهام في سبيل أن يرتاد الإنسان آفاق الفضاء ويصنع الطائرات الحديثة . كان سبب سقوط ابن فرناس يتعلق ببعض الشروط التقنية في الجناحين اللذين قام بصناعتهما إذ أهمل أهمية الذيل في الهبوط. غير أن الإسهام العلمي لعباس بن فرناس يتعدى ذلك الأثر الذي ما زال لصيقا بالأذهان إلى عدة إسهامات علمية أخرى في علوم الفلك واختراعات أهمها قلم الحبر والنظارة الطبية وتطوير صناعة الزجاج المستخدم للأغراض الطبية والفلكية. جمع ابن فرناس منذ وقت مبكر في حياته معارف جمة في الاهتمامات العامة له ما بين الكيمياء والرياضيات والفلك والشعر والموسيقى والطب والصيدلة ليشكل روحًا موسوعية من بين علماء جيله في الأندلس.