جدتي
جدتي

جَدّتي لأبي في العقْدِ السّابعِ مِنْ عُمْرِها. قصيرةُ القامة، ضَخْمَةُ الجُثّةِ، مُحْدَوْدَبةُ الظّهْرِ، وَجْهُها صَغيرٌ، كثيرُ الأخاديد، ومع ذلك، فهي نشيطةٌ تُؤدّي كثيرًا من الخدماتِ لوالدتي: من طبخٍ وكَنْسٍ، ونفضٍ، ودجاجاتٍ تُطْعِمُها... أمّا في السّهراتِ، فهي لا تُفارقُ السّجّادةِ. تَرْفأُ الثّيابَ حينًا، وَتُمْسِكُ السّبْحَةَ بِيَدِها أحيانًا، وشفتاها لا تكفّانِ عن الحركةِ والتّمْتَمةِ، بما لا أعرفُ من الأدعية والًصّلواتِ.
وما أكثرَ وأطْوَلَ ما كُنْتُ أقْعُدُ أمامها، مُحَدّقًا في هاتينِ الشّفتين الدّائبتين دؤوب اللّيل والنّهارِ! وكانت رُبّما التَفَتتْ إليَّ، فَتَبْتَسِمُ وتُدْنيني منها، وتَميلُ على وجهي الصّغير بِفَمِها وتُقَبّلني .
أحِبُّ جدّتي كثيرًا، وأتمنّى على اللّه أن يطيلَ عمرها.