النجاح والفشل

النجاح والفشل

النجاح والفشل

اُكتب قصّةً خرافيّة تُبيّن فيها أنّ" لكلّ من النجاح والفشل طريق، فاز من اتّخذ النجاح طريقاً له  وخاب من تاه في طرقات الفشل وأنّ بالإصرار وحده ننال ما نتمنى"، مُستعيناً بمثل "السلحفاة والأرنب".

                         

                                          التوسيع

   الفصلُ ربيع والأرضُ تلبس بساطاً أخضرَ جميلاً ، والأزهار المنتشرة بين المروج وعلى السفوح تهبكَ مشهداً ولا أروع. بين هذه الجمالات اللامتناهية ، مشى الأرنبُ جذلان نشوان يقفزُ بين الأعشاب والرياحين ، ونفسه عامرةٌ بالزهو والطيش ، راح يتقلبُ كالكرة تارةً على ظهره وتارةً أخرى على بطنه غير آبهٍ بمن حوله وكأنّه الملك المتربع على عرش الطبيعة ، لا يسأل عن جدّ ولا يلهيه عن عبثه فِكرٌ.

وفي عزّ طيشه الذي لم يجد له سبيلاً للخلاص ، مرّت بجانبه سلحفاةٌ واثقة الخطى ، مواظبة في سيرها لا يلهيها عبث ، واثقة الخطى .يبدو أنّها اتّخذت لنفسها هدفاً تسعى جاهدةً لتحقيقه.

فإذا بالأرنب ينظرُ إليها نظرة ازدراء تملؤها السخرية ويقول لها:" تعالي أيتها السلحفاة لأرى سرعتك في الركض ، هيا هيا الحقي بي يا ذات الأررجل الملتصقة بالأرض".

فما كان من السلحفاة إلاّ أنْ رمقته بنظرةٍ تملؤها الثقة والإيمان مُجيبة إيّاه: "هيّا أرني مهارتك أيها الأرنب المتعجرف". واتفقا على أن تكون شجرة الصنوبر الكبيرة القائمة على أعلى التلة هدفاً لسباقهما هذا.

ثوانٍ معدودات وانطلق الأرنب والسلحفاة ، واضعاً كلّ منها الفوز نصب عينه. راحت السلحفاة تدبّ على مهلٍ والثاني ينهبُ الأرض نهباً ، ويسابق الريح في جريه. بُرهةٌ مضت فإذا بالأرنب يلتفتُ وراءه فلا يجدُ للسلحفاة أثراً ، فإذا به يعتكفُ إلى روضة مُزهرة يتمرغُ على أعشابها النضرة لعباً ولهواً ومضيعةً للوقت، بينما السلحفاة تُجدُّ في سيرها مواظبة على تحقيق الهدف الذي رسمته لنفسها فبالثقة والمواظبة نصلُ إلى مراتب العُلى.

لحظات ويستأنفُ الأرنبُ سيره منطلقاً مزهواً بالسرعة التي حباها الله إيّاها ،يلتفتُ يمنةً ويسرةً علّه يرمقُ السلحفاة ولكن عبثاُ في ما زالت بعيدة عنه . فما كان منه إلاّ أن استغلّ بعدها متوقفاً عند نبعٍ رقراقٍ تزينه جانبيه حشائشٌ نضرة تغري كلّ من تقع عيناه عليها ،راح يأكل منها بنهمٍ حتى شبع ، فغلب عليه النعاس فاستسلم للنعاس مُتناسياً أمر السلحفاة . بضعُ دقائق مرّت والسلحفاة ما زالت تمضي قدماً ولا تسمح لليأس أن يدخل قلبها. مرّت به فإذا بها تراه في نوم عميق فابتسمت وتابعت سيرها البطيء مقتربةً من هدفها بعد عناءواصرار وكدّ وتعب.

هاهي على بُعد خطوات قلائل من شجرة الصنوبر .فإذا بالأرنب يستفيقُ من ثباته لينظر وراءه ثمّ ينظر أمامه ويا لهول ما يرى ، إنّها السلحفاة تقترب من الهدف .سلّم نفسه للرياح علّه يصل فينقذ نفسه من فعلته هذه ولكنه للأسف يجدها منتظرةً إيّاه بكلّ فخر وإباء. فما كان منه إلاّ أن تراجع إلى الخلف مُطأطأً رأسه مُطلقاً ساقيه للرياح هرباً مما هو فيه.

بالثبات والمواظبة تمكنت السلحفاة من نيل ما تتمنى . بينما بالطيش والغرور خسر الأرنب أمانيه ، فبطىء السلحفاة لم يردعها عن تحقيق حلمها وسرعة الأرنب لم تحقق له الفوز، فمن يتّخذ المثابرة والإصرار طريقاً له كان النجاح رايته ، ومن استسلم لغروره وطيشه كان الفشل والهزيمة نهايته