أبي
أبي

كان أبي بهيّ الطّلعةِ , قويَّ البنيةِ , أزرقَ العينينِ , له أنفٌ دقيقٌ . يبدو دائماً جميلَ الهندامِ . ناصعَ القميصِ , شديدَ الأناقةِ , وأمّي تنظرُ من ورائهِ في المرآةِ ثمَّ تلحقُ بهِ إلى البابِ , وقد خيّلَّ إليها أنّ غبرةً أو شعرةً قد علقت بكتفهِ فتنفضها , ثمَّ تقفُ مُعجبةً , ولا تغادرُ إلاّ بعدَ أن يغيبَ
وكانَ إلى وقارهِ , سريعَ الغضبِ سريعَ الرّضى , عالي النّبرةِ لاعتيادهِ إدارةَ وُرَشِ البناءِ , حادَّ الذكاءِ على ابتسامةٍ لا تفارقُ شفتيهِ اللّتينِ يعلوهما شاربانِ أشقرانِ يطيبُ له بينَ الحينِ والآخرِ أن يمرِّر أصابعه عليهما من هنا ومن هنا .
كان َ يميلُ إلى قراءةِ الصّحفِ وبعضِ كتب ِالتّاريخِ والمذكّراتِ السّياسيةِ . لذلك كان حديثُهُ يشدُّ الاهتمامَ , فالعيونُ كلّها إليهِ , والآذانُ مشدودةٌ إلى سماعهِ