أبو بكر الرازي
أبو بكر الرازي

أبو بَكْر الرّازي
وُلِدَ أبو بكر الرّازي في مدينة الرِّيّ في خُراسان، شرقيّ طهران حاليًّا، سنة 865م. في بداية حياته، اهتمّ بالدّراسات الفلسفيّة واللُّغَوِيّة والرِّياضيّة، ثمّ تَعاطى الموسيقى، فَبَرَعَ فيها وظلَّ على هذه الحالة حتّى الثّلاثين من عمره، فَعَزَم على تغيير حياته جَذريًّا، فانطلق، سعيًا وراء تحقيق آماله وطُموحه، إلى مدينة الشّفاء والسّلام إلى بغداد، عاصمة الدّنيا قاطبة، وكعبة كلّ ذي طموح وكلّ ذي قلب (يبغي الرّفعة والسُمُوّ).
وبكلّ قواه وتصميمه الأكيد، اندفع في دراسة الطّبّ، فتعلَّم فنَّ العلاج الإغريقيّ والفارسيّ والهنديّ والعربيّ الحديث العهد، وعبَّ منه عبًّا. ثمّ سعى إلى الحصول على منصِب رئيس الطّبابة في المستشفى في بغداد، وفاز بمطلَبِه بين الكثير من منافسيه.
ولم يمضِ وقت طويل حتّى ذاعت شهرته في طول البلاد وعرضها، وطبَّقت الآفاق، وأصبح حُجَّة في عِلم الطّبّ، ومَرجعًا أخيرًا لكلّ الحالات المُسْتعصِية، ومعاينًا حاذقًا، (يسعى وراءه الجميع) من كلّ حَدْب وصَوْب.
لقد امتاز الرّازي بمعارف طبّيّة واسعة شاملة. وكان في سعي دائم وراء المعرفة، عابًّا منها كلّ ما يمكن عبّه، باحثًا عنها في صفحات الكتب، وعلى أسِرَّة المرضى، وفي التّجارب الكيميّة، قاطعًا الآفاق من أجلها، موثّقًا عُرى المعرفة بينه وبين علماء عصره.
وكان يزرع في نفوس تلاميذه الفضيلة وحُسن الأخلاق، مؤكّدًا لهم قُدْسِيَّة مهنة الطّبّ، محاربًا قولاً وعملاً، كلّ أنواع الشَّعْوَذَة، في أيّ مكان كانت، وفي أيّة صورة ظهرت.
وأصبح هذا الفتى اليافع طبيبًا عظيم الشّأن، وأبًا للفقراء الّذين كان (يَهَبُهم بعد العلاج مالاً)، في وقت كان يعيش شخصيًّا (في تَواضُع) وبساطة لا مثيل لهما.
المستشرقة الألمانيّة زيغريد هونكه
شمس العرب تسطع على الغرب/1962
نقله إلى العربيّة فاروق بيضون وكمال دسوقي